
ما هو تعويم العملة و فوائده واضراره على الشعوب، يتابع عن كثب المصريين من كافة الفئات سواءً أكانوا رجال أعمال أو مواطنين عاديين الأحداث المتلاحقة الاقتصادية التي عليها سيتم تحديد مصير الجنيه المصري نظير الدولار الأمريكي في الشهور القليلة القادمة، وذلك بعدما شاهدوا التغيرات الهائلة التي طرأت على الجنيه المصري في عام 2022م خلال الجلسات الاستثنائية التي قام بها البنك المركزي المصري الذي بدوره قام برفع أسعار الفائدة، وما نجم عنه من خفض قيمة الجنيه المصري أمام كافة العملات وليس الدولار وحسب.
ومن الجدير ذكره أن جمهورية مصر العربية تعتمد على استيراد ما يفوق الثمانون في المائة من احتياجاتها من خارج البلاد مرتكزة تماماً على الدولار الأمريكي في تعاملاتها الخارجية، وفي هذا اليوم سوف نتعرف باستفاضة على ما هو تعويم العملة و فوائده واضراره على الشعوب.
أنواع التعويم:
إن تعويم العملة المحلية يعتبر أسلوب من الأساليب المتبعة داخل إدارة السياسة النقدية، ويشير إلى ترك سعر صرف العملة يتم تبعاً لقوى العرض والطلب داخل السوق النقدي، وهناك نوعين من التعويم في الأسفل سوف نتعرف عليهما:
- التعويم الحر: وهو مصطلح يشير إلى ترك سعر صرف العملة يتغير ويتحدد بمطلق الحرية مع الوقت وفق تقلبات السوق، وللبنك المركزي الخاص بالدولة التي تريد التعويم الحر هو التأثير في سرعة تغير سرعة الصرف وحسب، وليس التقليل من هذا التغير، ويتبع هذا النظام العديد من الدول ذات النظام الرأسمالي الصناعي المتقدم.
- التعويم المدار: وفيه لا بد من ترك سعر الصرف ليرسي حسب العرض والطلب، مع لجوء البنك المركزي الخاص بالدولة المعومة للتدخل عندما يكون هناك حاجة ملحة لتدخلها حتى تقوم بتعديل ذلك السعر نظير باقي العملات العالمية، وهذا استجابة لسلسلة من المؤشرات على رأسها: نسبة الفجوة بين العرض والطلب داخل سوق الصرف، وأيضاً مستويات أسعار الصرف الفورية والآجلة، بالإضافة للتطورات التي تطرأ داخل أسواق سعر الصرف في السوق السوداء.
للمزيد يمكنك قراءة: سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه
فوائد تعويم العملة:
لا خلاف على أن لتعويم العملة المحلية العديد من الإيجابيات التي ترجع بالنفع الاقتصادي على البلد، وفي الأسفل سوف نتعرف على أبرز هذه المنافع:
- التبادل الخارجي غير مقيد: إذ يتيح نظام تعويم العملة للمصارف والبلد أن تتداول العملات التي يتم تعويمها من غير أي ضوابط أو قيد أو ربط، هنا قانوني العرض والطلب كفيلين بإداراتها تماماً، وذلك لو قارناه على خلاف نظام تثبيت سعر صرف العملة التي بحاجة كبيرة لإجراء مراقبة وإدارة دائمة من قبل النظام المالي في البلاد.
- الاستقرار في ميزان المدفوعات: فعندما تُصدم البلد بنقص أو عجز بميزان مدفوعاتها الذي يوضح كافة تعاملاتها التجارية (الصادر والوارد) أثناء مدة معينة، فبصورة تلقائية يتأثر سعر صرف العملة لو كانت البلد تتقفي سياسة تعويم العملة، وبسبب تلك السياسة سوف تقل قيمة العملة مقابل الدولار الأمريكي وبقية العملات المتعارف عليها في دول العالم، فيصبح سعر صرفها أقل من سعر العملات الأخرى، الأمر الذي يعني بأن ما سوف تصدره لتلك البلدان سوف يكون بتكلفة أقل كثيراً، وعليه سوف يزداد الطلب على سلع الدولة التي تقوم بتعويم عملتها، وذلك بدوره سينجم عنه ارتفاع سعر صرف العملة، ومن ثم سيتم تحقيق التوازن مجدداً لميزان المدفوعات.
- الاحتياطات الضخمة من العملات الأخرى ليست مطلوبة: فالبلد التي تقتفي مبدأ تثبيت العملة هي عبارة عن بلد مقيد بوضع مبلغ محدد من العملات العالمية وعلى رأسها الدولار الأمريكي في مصارفها وذلك كمبلغ احتياطي من أجل الحفاظ على قوة العملة الخاصة بها، فضلاً لمواجهة كافة الاضطرابات التي قد تؤدي لانهيارها، إلا أنه وعند تعويم العملة تكون البلد غير ملزمة بوضع احتياطي من العملات الأجنبية داخل مصارفها المركزية، وبدلاً من هذا تستعمل الاحتياطي الخاص بها من أجل استيراد السلع الرأسمالية حتى تقوم بتعزيز نموها الاقتصادي
- تحسين إنتاجية السوق: يقوم خبراء الاقتصاد في العالم أن تعويم عملة دولة ما يؤثر بشكل إيجابي على السوق المحلي، هذا لأن البلد التي تتبع مبدأ التعويم تستطيع أن تداول عملتها متكأة على تغير سعر صرفها، الأمر الذي يترجم من خلال زيادة تداول المحافظ بين البلدان، وعليه يزيد الطلب على صادرة الدولة المعومة، وعليه أيضاً زيادة إنتاجية السوق المحلية لتقوم بتلبية زيادة الطلب على كافة البضائع الخاصة بها.
- تجنب التضخم: من الممكن ألا تستطيع البلد إكمال عمليات استيراد البضائع المطلوبة والحيوية لشعبها من خارجها، وذلك بسبب ارتفاع التكلفة الباهظة، نتيجة لتثبيت عملتها بخصوص سعر صرف عملات البلدان الأخرى التي تود الاستيراد منها، الأمر الذي ينتج عنه زيادة الطلب على تلك المنتجات، وعليه يحدث ارتفاع كبير في الأسعار، وتقع البلاد في مستنقع التضخم الذي يجلب الفقر والجوع للشعوب، وتلك المشكلة لها حل يكمن في إتباع نظام التعويم، حيث يمكن للبلد عند انخفاض سعر صرف عملة بلد تود الاستيراد منها بالنسبة لسعر صرف عملتها، أن تقوم باستغلال ذلك الهبوط وعلى الفور تستورد بضائعها بسعر منخفض، وتقوم بتلبية احتياجات مواطنيها وتبتعد عن الوقوع في التضخم.
- تحرير السياسة الداخلية: البلد التي تقوم بإتباع نظام تثبيت سعر صرف العملة، عند وقوع أي عجز داخل ميزان المدفوعات، تصبح مضطرة لاتخاذ إجراءات تقشفية صعبة حتى تجابه ذلك العجز، وذلك الأمر لديه تبعات صعبة على اقتصادها أبرزها هو البطالة، أما البلدان التي تقوم بتعويم العملة يمكنها أن تجابه أي عجز داخل ميزان المدفوعات الخاص بها عن طريق تغيير سعر صرف عملتها الخارجي، ووقتها تصير صادراتها بالنسبة لبلدان العالم الأخرى منخفضة التكلفة، الأمر الذي يزيد من الطلب عليها، وعليه يتم معالجة العجز داخل ميزان المدفوعات، فضلاً لإعادة تعافي العملة.
- المرونة: دعني أخبرك أن تعويم العملة قد ساعد وأنقذ العديد من اقتصادات الدول، وخصوصاً في حقبة أزمة النفط الأولى التي كانت في سنة 1973 ميلادياً، وما رافقها من تغيرات كبيرة ومفاجئة على سوق التجارة العالمية، وميزة نظام تثبيت العملة هو إمكانيته الكبيرة في التعامل مع تلك المتغيرات المفاجئة، وبالتالي فإن تعويم العملة يعطي اقتصاد الدولة المعومة مرونة كبيرة تكفيها لمجابهة أي تذبذب أو خطر اقتصادي محدق.
- الإدارة: يتيح تعويم العملة للبلد صاحبة التعويد أن تدير قيمة سعر صرف عملتها في خارج البلاد، وبالتالي فإن هذا الأمر يصب في مصلحة الاقتصاد الخاص بالبلد، وذلك يعطي البلد هيمنة أكبر عند إدارة نظامها الاقتصادي حسب ما تراه ملائماً، تبعاً للسياسات الاقتصادية العالمية.
للمزيد يمكنك قراءة: سعر اليورو في السوق السوداء
مخاطر تعويم العملة:
كل شيء له مميزات وعيوب، الأمر نفسه في التعويم، وقد تعرفنا في السابق على مميزات تعويم العملة الوطنية، وفي الأسفل سوف نتعرف على مخاطر التعويم الاقتصادية على بعض الدول:
- انعدام الانضباط: حدوث تغير سعر صرف العملة الوطنية المعومة بغياب الرقابة والمحاسبة الداخلية في البلاد ينجم عنه احتكار تلك المكاسب والعوائد لأناس متنفذة فيها، وفي تلك الحالة ينصح بعض خبراء الاقتصاد بربط عملة تلك البلد بسعر صرف عملة ثانية تكون أقوى وثابتة، وذلك حتى يتم الحفاظ على الانضباط الاقتصادي في البلاد، فضلاً لضمان استقلالية البلد من جهة الاقتصاد، وللأسف الشديد يعد تبني نظام تعويم سعر صرف العملة عوضاً عن تثبيته من المحتمل أن ينجم عنه عدم الانتباه لمشكلة التضخم داخل البلاد، الأمر الذي يؤدي لظهور مشاكل واضطرابات كثيرة في البلاد، وما يخلفه من تأثيرات خطيرة على المستوى الخارجي.
- التعرض لتقلبات سعر الصرف: يتم تحديد السوق العالمي للعملات وفق قانوني (العرض والطلب) فضلاً لقيمة العملة التي يتم تداولها إما هبوطاً أو صعوداً، الأمر الذي يعرض البلد التي تقوم بالتعويم لتأثيرات سلبية تتمثل في انخفاض أو انهيار كامل لسعر صرف العملة بصورة غير متوقعة وسريعة جداً، حيث تتسم طبيعة بورصة العملات العالمية بالتقلبات المفاجئة.
- تقييد النمو الاقتصادي: إذ أن تعويم العملة يمكنه أن يسلب البلد التي تتبع ذلك النظام الهيمنة والسيطرة في بعض الأوقات على سعر صرف العملة، حيث قد تواجه صعود بسعر صرف العملة نظير عملة حيوية ثانية انخفض سعر صرفها، فيصبح الإجراء وقتها خارج عن السيطرة، وذلك بالطبع سوف يؤثر بالسلب على النمو الاقتصادي للبلاد.
- المضاربة: تحدث عمليات مضاربة داخل بورصة العملات العالمية عن طريق البيع والشراء الذي يحدث بشكل يومي للعملات، وتلك العمليات من الممكن أن تؤثر بالسلب على سعر صرف عملة البلد التي تتبع نظام التعويم، الأمر الذي ينجم عنه الكثير من التقلبات داخل أسعار الصرف.
- هبوط وتراجع الوضع الاقتصادي: وخصوصاً في البلدان التي تعاني من الاضطرابات وعدم الاستقرار، إذ تعاني بعض البلدان من حالة فوضى تصيب الاقتصاد، منها مثلاً مشكلة تعاني منها كافة دول العالم الثالث ألا وهي ارتفاع نسبة البطالة، بينما نظام تعويم سعر صرف العملة ينجم عنه ارتفاع تلك المشكلة وازديادها سوءاً.
تجارب تعويم العملة:
الكثير من دول العالم قامت بتحرير سعر الصرف عدة مرات، كانت سبب سعدها في مرات قليلة، والكثير منها عانت الأمرين نتيجة لهذا التعويم، في الأسفل سوف نتعرف على بعض دول العالم التي قامت بتحرير سعر الصرف وماذا حدث لها!
تجربة الأرجنتين:

- قامت دولة الأرجنتين من قبل بتعويم عملتها وذلك تنفيذاً لوعد الرئيس وقتها ماوريسيو ماكري الذي فاز بالانتخابات سنة ألفين وخمسة عشر، وكان من المتوقع هبوط سعر البيزو (وهو العملة الرسمية لدولة الأرجنتين).
- وبالفعل نجحت خطة الرئيس وتعافى الاقتصاد الأرجنتيني ولكن لبعض لفترة ليست طويلة، فالأرجنتين الآن تعاني من أزمات اقتصادية جمة بسبب قدومها على هذا الأمر.
تجربة البرازيل:

- المتابع لحالة البرازيل خصوصاً سيتيقن بأنها تجربة مؤلمة وصعبة عانى بسببها الشعب البرازيلي كثيراً، إذ قرر المسؤولين في البلاد سنة ألف تسعمائة وتسعة وتسعون ميلادياً للإقدام على تلك الخطوة في ظل ظروف اقتصادية متوترة، وبالفعل هبطت قيمة الريال البرازيلي في هذا الوقت بشكل كبير.
- الأمر الذي نجمع عنه ارتفاع هائل في السلع المستوردة فضلاً لزيادة نسبة التضخم في البلاد، تلك الأمور ساهمت بصورة سلبية على الطبقات الكادحة والمتوسطة، وذلك الأمر استمر حتى سنة (2004م) بسبب الاصلاحات الاقتصادية التي اتبعتها الحكومة.
تعويم الجنيه:
- التعويم في العموم مصطلح اقتصادي يشير لأن سعر صرف عملة لبلد ما يتم تحديده تبعاً للعرض والطلب عليه، وذلك مقارنةً مع العملات الأخرى لدول العالم، عن طريق سوق صرف العملات العالمي.
- وذلك على خلاف تثبيت سعر صرف العملة الذي يرتكز تماماً في تحديد سعر العملة المحلية على القيود التجارية، أو على الضوابط الحكومية، ولا يخفى على أحد أن تعويم العملة له إيجابيات وسلبيات تعرفنا عليها في الفقرات السابقة.
للمزيد يمكنك قراءة: جنيه مصري مقابل الريال
آثار تعويم الجنيه على الشعب المصري:

- للأسف الشديد يعد تعويم العملة في ظل الوضع الاقتصادي المؤسف، وندرة النقد الأجنبي في البلاد سوف ينجم عنه ارتفاع كبير في الأسعار، ويحد من قيمة العملة الرسمية (الجنيه المصري) الأمر الذي سيرفع أسعار السلع المستوردة وغير المستوردة، وسيزيد من مستوى التضخم في البلاد.
- وتسعى الحكومة المصرية بكل ما في وسعها لزيادة الاحتياطي الأجنبي، ليس من خلال تنشيط السياحة والترويج لها، ولا من خلال زيادة المنتجات المصنعة وزيادة التصدير والحد من الاستيراد، ولكن للأسف الشديد تتبع السياسة السهلة التي تكمن في الودائع والقروض من الكثير من دول العالم على رأسها المملكة العربية السعودية والإمارات والصين وغيرها، وفي الآونة الأخيرة لجأت لصندوق النقد الدولة والقبول بشروطه التعجيزية.
تعويم العملة بالانجليزي:
يتسائل الكثير من العرب خصوصاً عن الكلمة الإنجليزية التي تقال لتعويم العملة وهي:
- .currency float
للمزيد يمكنك قراءة: سعر البيتكوين من عشر سنوات